دوّامة المماطلة … وطُرق النجاة منها

المماطلة

لطالما واجهتنا عبارة” لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد” في كلّ مرة نقع فيها في شباك المماطلة متذرّعين بالعديد من الحُجج والمبرّرات الواهية:

لا أملك الوقت الكافي، المشروع صعب جدًا ، سأبدأ غدا أو اليوم الذي يليه الخ…

وهنا  تبدأ حلقة الإحساس بالذنب من التقصير وتكدّس المهام، وتزداد عملية الشروع في العمل صعوبة.

لا يكسر هذه الحلقة في جميع الأحوال سوى الخوف، الخوف من الفشل والرسوب، أو الإحراج أمام العائلة أو الجمهور.

في حين تتجلى سلبيات المماطلة بصورة أوضح عندما تتسلل إلى نشاطاتنا التي لا رقيب علينا فيها، وليس لها موعد انتهاء محدد كالرياضة، أو الالتزام بنظام صحي معين، أو حتى البدء بمشروع خاص.

إلاّ أن التسويف، يأخذ منحى خطر عندما يتحول إلى عادة يومية مزمنة، تستهلك الوقت والنفس من دون أي نتائج أو ثمار ملموسة.

تقترح عالمة النفس إيلين لانغر، القيام بخطوات أولية بسيطة، وتطبيق استراتيجيات عملية يومية.

لمحاولة خلق عادة جديدة تحل محل المماطلة و تضعنا على المسار الصحيح لتحقيق أهدافنا المنشودة.

إذًا، ماهي أهم هذه الخطوات المستندة على الأبحاث والدراسات النفسيّة والتي بإمكانها مساعدتنا في كسر عادة التسويف؟

1-أي إنجاز مهم، وإن كان بسيطًا

بغض النظر عن مقدار الإنجاز البدئي للمهمّة المراد تنفيذها، فهو حجر الأساس للخطوات الأصعب اللّاحقة.

إن اختيار المهمّة الأسهل للبدء فيها، يعطي الحافز المطلوب والقوّة الدافعة لإتمام العمل بأكمله دون إرجاء.

2-أهم خطوة هي خطوة البدء

خطوة البدء هي المرحلة الأصعب التي تواجه أي مسوّف، إلاّ أن المخاوف والتوقعات حول المهمّة المراد إتمامها تتلاشى بمجرد البدء.

فالإفراط في التفكير الذي يسبق هذه الخطوة قد يهوّل ويصعب الأمر، وبالتالي يثبّط العزيمة والدافع للانطلاق.

بينما يهدم البدء الفوري بالتنفيذ، هذه المخاوف والتوقعات الغير حقيقيّة التي تحيط بالمهمة، ويبني الثقة بالنّفس المطلوبة للتقدم بالعمل.

3- التقدم في العمل مهما بدت المراحل مملة وغير محبّبة

لا تعد الاستعانة بقوة الحافز  في البداية أمر صحي.

لأن ومن الطبيعي أن يشوب هذا الحافز الشّعور بالكسل، أو الملل،أو الخوف من الفشل.

لكن البدء بالخطوات الاولى وإتمام المهام الصغيرة الأولية، تُشعل فتيلة الدافع من جديد، وتقوُي العزيمة.

4-تجزئة العمل إلى مهام صغيرة

يساعد تقسيم العمل إلى عدة مهام منطقية وقابلة للتنفيذ ضمن إطار زمني محدد، على تقليل الخوف من حجم العمل الكلي، وبالتالي إبعاد شبح المماطلة.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون الوقت المحدد لكل مهمة منطقياً وملائمًا لحجم العمل المطلوب.

في الوقت نفسه، مرنًا وقابلًا للتعديل تبعًا للظّروف الخارجة عن الإرادة.

5-تجنّب الوقوع في فخ المثالية

تصطاد خرافة العمل المثالي الكثير من الأشخاص وتجعله صعباً، مستحيلاً، وغير قابل للتحقيق، لذلك يعود السّبب الرئيسي للمماطلة غالباً، إلى السعي نحو مثالية وكمال العمل، 

لأنه بطبيعة الحال لا يوجد عمل مثالي، ولكن يوجد عمل مُنجز ضمن المدّة المطلوبة،

وفي الوقت نفسه، لا يوجد إنسان مثالي لا تمر عليه أيام صعبة، أو يتعكر مزاجه لسبب ما، أو حتى يماطل ويؤجل مشروع ما.

وأن نكون اصدقاء لأنفسنا و نصفح عنها اغلاطها وهفواتها، بدلاً من تأنيبها ومعاقبتها ، إحدى أهم خطوات الرجوع إلى المسار الصحيح وتجاوز الماضي والبدء بتحقيق الأهداف.

اقرأ أيضاً: أسطورة “فقط غيّر أفكارك”، وهل تغيير الافكار أمر فعال لجعل حياتك أفضل

6- وضع خطط من نوع “ماذا لو”

وهي نوع من الخطط والاستراتيجيات التي تستخدم كأداة لمواجهة الصعوبات والإغراءات المحتمل ظهورها والتي ستؤدي بطبيعة الحال إلى التأجيل والمماطلة.

فمثلًا، تسجيل الخروج من وسائل التواصل الاجتماعي أثناء القيام بالعمل، حتى لا تُشتّت الإشعارات في حال ورودها، التركيز وتضيّع الوقت.

7-الاهتمام بالصحة النفسيّة والجسديّة

أو كما وصفها ستيفان كوفي في كتابه الشهير العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية، بأنها عملية “شحذ المنشار”،  وتجديد الطاقة اللازمة لإكمال العمل،

لأن الإجهاد المستمر  دون راحة وإهمال الصحة، وتناول الطعام الغير الصحي، و عدم ممارسة التمارين الرياضيّة، جميعها أسباب تضعف الهمّة والقدرة على المواصلة بسبب التعب، وتقلّل من الإنتاجية وجودة العمل.

جميعنا دون استثناء وقعنا ولو لمرّة واحدة ضحايا لـ المماطلة والتسويف

تخبئنا وراء المبرّرات وغمرنا الإحساس بالذنب والندم على الوقت الضائع، 

لكن تحول المماطلة إلى عادة سلوكية مزمنة ونمط متكرر أمام كل مشروع، هو ما يجعل الأمر بحاجة إلى استراتيجيات مُساعدة تحرّرنا من هذه الدوّامة وتقرّبنا من تحقيق أهدافنا بجودة وفعالية.

المصادر

هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *